نلتقي اليوم في ندوة عن مستقبل لبنان ومصير أجياله، مع الدكتور الاب ميشال روحانا، ود. رزق زغيب.

 أرحب بكم في إهدن في هذا الدير العريق دير مار سركيس وباخوس...

لبنان بلد العجائب والغرائب يتمدد على مساحة صغيرة لكنه يتميز بتركيبة غنية متنوعة ألهمت الفلاسفة والمفكرين بابتكار صيغ للحكم منها التعددية على أنواعها، التوافقية، الميثاقية، وغيرها من الأنظمة السياسية البسيطة والمركبة والمختلطة. ومازال يفتش عن حلول ويبتكر معادلات لأن بعضها وفر الاستقرار لمرحلة، وبعضها الآخر فجر الفتن والحروب الأهلية. آخر هذه المحاولات صيغة ابتدعها الأب د. ميشال روحانا الأنطوني واخترع لها تسمية جديدة فريدة ألا وهي "التكاؤن" التي نلتقي حولها اليوم علها تكون طريق الخلاص والإنقاذ بعد فشل وتعثر كل المحاولات السابقة.( وهذ التسمية المبتكرة مرجعها مصدرين كيان وكون ويمكن اضافة تكية )

وهذه النظرية تنطلق من الواقع والتجربة الحيّة وتتفاعل وتتطور وتتجدد حتى تصل الى الحل المنشود وبناء جمهورية جديدة تكون خلاصاً لشعبه وقدوةً ونموذجاً للشعوب الأخرى.

لن أدخل في شرحها لأنها تركت عندي تساؤلات وتحديات أوافقه أحياناً وأختلف معه في أحيان أخرى، ونواجه نظرية عميقة بحاجة الى جهد لفهم أعماقها وإدراك مكنوناتها، وأخشى أن أترك هفوات أو التباسات تشوه المقاصد الحقيقية لفيلسوف وعالم ومبدع مثل الأب روحانا.

ما فهمته من هذه الفلسفة الجديدة بأنها محاولة جديدة تسعى الى الوحدة الإنسانية انطلاقاً من الكائن البشري كذات وآخر، وتستهدف أيضاً الوحدة الكونية التي تشمل الكائن المطلق وهو الكائن الأزلي الأبدي، بما يعني الماورائيات وتفاعلها مع الوجود الإنساني في رؤية شاملة توحد الحياة بكل أبعادها مع الكون بكل مكوناته، لأن الخلاص الحقيقي إما أن يكون شاملاً أو لا يكون. وهذه النظرية تنطلق من الوعي والرقي وارتقاء الإنسان ليتخلى عن الزمنيات ويتوحد مع إله الخير والحب والجمال.

والهدف العملي من هذه النظرية هو ولادة إنسان جديد قادر على الانتقال من العيش المشترك الى وحدة الحياة الجديدة من خلال الوعي والإدراك والعدالة والتراحم والاقناع بأن إدراك كينونة الآخر لذاته هي الطريق لإدراك كينونتي. أي مدى إدراكه لذاته ولكرامة خالقه والعكس صحيح الى أن يدخل الجميع في إدراك كرامة الخالق في الإنسانية التواقة الى السلام والمحبة والارتقاء نحو الأسمى.

وفي الختام لي ملاحظتين سريعتين، أولاً، يركز الأب ميشال على أهمية اللغة العربية ودورها ويدعو الى تحريرها من الرواسب التي فرضت عليها. في هذا المجال أقول أن مشكلة اللغة هي في الإنسان الذي يستعملها، وقد أثبت الأب ميشال بأنه إنسان مبدع وخلّاق وقادر على نحت كلمات وعبارات ومصطلحات جديدة رغم الرواسب الموجودة في اللغة.

ثانيا، التطورات الجذرية والمصيرية التي حصلت مؤخراً في العلاقات الدولية ودول الجوار تستوجب تعميق فهمنا لواقع وحلول القضية الفلسطينية كما طرحها الأب ميشال من خلال نظريته في التكاؤن.

من هو الأب د. ميشال روحانا صاحب نظرية التكاؤن؟

هو من مواليد بلدة بيت مري 1949، دخل الحياة الرهبانية سنة 1978، واقتبل سر الكهنوت سنة 1985. حائز على الإجازة في الفلسفة واللاهوت من روما، ثم حاز على الماجستير في اللاهوت المقارن بفيزياء الكم من كندا. كما حاز على الدكتوراه في اللاهوت المقارن من جامعة روح القدس.

آخر جديده:

أنه يعتبر يوسف بك كرم شخص تكاؤني يتميز بالصفات المطلوبة من المواطن التكاؤني وخاصة المسؤول سياسياً وإدارياً عن الشعب اللبناني.

فلنستمع الآن للأب روحانا عن نظريته في "التكاؤن" هل تنطبق على فكر يوسف بك كرم وحياته؟

الدكتور رزق زغيب مواليد 1978، محامي بالاستئناف منذ العام 2001، وهو بروفيسور وأستاذ مشارك في القانون الدولي والدستوري في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت ودبي.

وله نشاطات عديدة ومتنوعة في المجالات القانونية والدستورية والقضائية، وهو حائز على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس2، وله عدد من الدراسات والمحاضرات والمؤلفات والمنشورات والمقابلات المتعلقة بالقانون الدولي والدستوري.

والآن سيحدثنا في تفعيل الدستور اللبناني واستكمال أحكامه.