جمعية لبنانية غير حكومية NGO

ما تشهده المنطقة اليوم لم يعد مجرد أزمات سياسية متكررة

2025-09-22

الإعلامية الاستشراقية أورنيللا سكّر

ما تشهده المنطقة اليوم لم يعد مجرد أزمات سياسية متكررة، بل هو تعبير عن أزمة بنيوية تطال الكرامة والسيادة والقدرة على الفعل المستقل. فغالبية التحركات الرسمية لا تخرج عن كونها ردود أفعال ظرفية، غالبًا أقرب إلى التوسل والارتهان للولايات المتحدة وإسرائيل، بدل أن تكون مشاريع استراتيجية تحمل تصورًا عربيًا–إسلاميًا جامعًا.
إن الخطاب العربي السائد يغلب عليه الطابع التبريري والتسويغي؛ إذ يكتفي بامتصاص نقمة الشارع العربي ببيانات وتصريحات، بدل الاعتراف بواقع التبعية والبحث عن بدائل حقيقية. هذه المقاربة تعمّق من فقدان الثقة بين الشعوب والأنظمة، وتجعل الشعارات حول السيادة والكرامة مجرد أدبيات فارغة لا تترجم إلى سياسات عملية.
الإشكالية الكبرى أن المنطقة تبدو مكشوفة استخباراتيًا وأمنيًا، إلى الحد الذي يجعل معظم التحركات السياسية مجرد زوبعة في فنجان، يتم ضبط إيقاعها خارجيًا. إسرائيل، تحديدًا، لم تعد طرفًا مراقبًا فحسب، بل أصبحت عنصرًا فاعلًا في إعادة هندسة التوازنات الداخلية والإقليمية، وهو ما يفضح حجم الاختراق والهيمنة.
من هنا، يطرح سؤال جوهري نفسه:
هل يمكن للعالم العربي والإسلامي أن يتجاوز منطق التبرير والتوسل، وأن يبني خريطة مؤسساتية تعيد الاعتبار لمشروع جماعي يواجه هذه الهيمنة؟ أم أننا أمام استمرار لحالة استعمارية جديدة تتماهى معها الأنظمة تحت غطاء "الشرعية الدولية" و"المصالح العليا"، بينما تدفع الشعوب ثمن الخداع والخذلان؟
إن الأزمة ليست أزمة ظرفية، بل أزمة بنية سياسية وثقافية تخلّت عن مشروعها الحضاري وقبلت بالقليل. ومتى ما أُدركت هذه الحقيقة، يصبح البحث عن حل ممكنًا، أما الاكتفاء بترديد الشعارات، فهو تكريس لوضع التبعية والهيمنة.

Copyrights © 2024 All Rights Reserved.