جمعية لبنانية غير حكومية NGO

كلمة الوزير السابق عادل حميه في احتفال تكريم الرئيس فؤاد شهاب

2024-07-30

العميد الركن المتقاعد منير البجاني

أصدق وأحر التهاني لجيشنا العظيم في ذكرى تأسيسه التاسعة والسبعين، هذا الجيش الذي أثبت على مدار هذه السنوات أنه صمام الأمان والمؤسسة الوحيدة التي ظلت صامدة رغم كل الظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا. لقد أثبت هذا الجيش من خلال الانجازات التي حققها في كافة المعارك التي خاضها خصوصاً في التصدي لمحاولات التنظيمات الارهابية التسلل إلى لبنان، أنه قادر على تثبيت الأمن وحفظ الاستقرار الاجتماعي متى كلّف بذلك، ومع أننا نعيش في ظل غياب رئيس للجمهورية وتحت إشراف حكومة تصريف أعمال، فإن مؤسسة الجيش لم تتوانى عن القيام بالمهام الموكلة إليها وطنياً وبنجاح لافت في ظل القيادة الحكيمة التي تديرها.

وأتوجه هنا بالتهنئة لجمعية مركز الولاء للوطن للبحوث والدراسات بالذكرى الثالثة لتأسيسها، متمنين لها النجاح والتطور والازدهار وشكراً لها على تكريم الرئيس فؤاد شهاب.

يتزامن تكريم الرئيس فؤاد شهاب مع فترة زمنية طويلة تردّد خلالها اسمه بقوة على لسان اللبنانيين وحضوراً في أذهانهم، رغم مرور أكثر من نصف قرن على وفاته. ففي كل مرة يدور الحديث عن دولة المؤسسات أو عن الانماء والعدالة الاجتماعية، يتبادر فوراً إلى الأذهان عنوان التجربة الشهابية والتي كانت أول، وربما آخر تجربة، تغلّب عليها همّ الاصلاح الاداري وإنشاء المؤسسات العامة الحديثة، والتخطيط المتكامل والعدالة الاجتماعية.

وفؤاد شهاب الانسان، هو النبيل المتواضع على إباء وشمم، والشفاف المترفع عن الاغراء.

أما فؤاد شهاب العسكري، فتختصر الوثيقة التي وقعها مع فريق من رفاقه العاملين في خدمة الجيش الفرنسي في تموز 1941 مناقبيته وقد جاء فيها: "نحن نخبة الضباط اللبنانيين نقسم بشرفنا أننا لن نقبل الخدمة إلا في سبيل لبنان وتحت علمه وكل من يختار منا سبيلا آخر يعتبر خائناً ويعامل على هذا الأساس".

وكان فؤاد شهاب مثالاً يحتذى في الوطنية والانضباط والروح العسكرية وكانت أبغض الأمور إليه كقائد أن يتعاطى الجيش بالسياسة وقد رفض طلب الرئيس بشارة الخوري إنزال الجيش إلى الشارع لجبه المعارضة لأن مهمة الجيش هي للدفاع عن الوطن وليس لخدمة السياسيين.

كما أقنع الرئيس شمعون بعدم ملاحقة أبناء العشائر الذين صدرت بحقهم أحكاماً بالسجن بسبب مخالفات ارتكبوها، مقترحاً عليه بدل كملاحقتهم أن تولي الدولة اهتمامها بمناطقهم وتوفر لهم الماء والكهرباء والطرقات والمدارس.

وخلال ثورة 1958، أبقى فؤاد شهاب الجيش خارج حلبة النزاع الطائفي والسياسي.

أما فؤاد شهاب الرئيس الذي انتخب إثر حوادث 1958، فقد تبيّن له نتيجة المسح الشامل الذي كلّف به مؤسسة "إرفد" القيام بها وعلى رأسها الأب لوبريه، أن المشكلة الحقيقية والرئيسية الكامنة وراء المشاكل السياسية والنزاعات الطائفية هي مشكلة اقتصادية واجتماعية بحتة.

فباشر بعقد ورش عمل نتج عنها صدور 465 مرسوماً منها 164 مرسوماً اشتراعياً، وإنشاء 24 مؤسسة عامة، منها الادارية كمجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، ومنها المالية كمصرف لبنان، والاجتماعية كمؤسسة الضمان الاجتماعي ومصلحة الانعاش الاجتماعي، ومنها الانمائية كمجالس تنفيذ المشاريع ومصلحة كهرباء لبنان الثقافية ككلية الحقوق في الجامعة اللبنانية ومجلس البحوث والانماء وغيرها.

كما وضعت في عهده الخطة الخماسية للمناطق وضمت مشاريع طرق وكهرباء ومياه ومستشفيات ألخ..

أما بالنسبة لسياسيته الخارجية والعربية فلخّصها كما يلي:

الحرص والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله وعلى الوفاق الوطني والانتماء إلى المحيط العربي والتضامن معه، وسعى للتوفيق بين الدول العربية وإن لم ينجح في مسعاه فالنأي بلبنان عن هذه الخلافات. أما خارجياً فأكد أنه ينتمي إلى العالم الحر من دون أن يخضع لقوة عظمى وأن يشارك في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي والشيوعية.

لم يقم فؤاد شهاب طيلة فترة رئاسته بأي زيارة خارجية رغم الدعوات الكثيرة التي تلقاها، حتى أن لقائه بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر فقد أصر على عقده في خيمة على الحدود بين لبنان وسوريا مصراً على الجلوس على الجهة من الطاولة التي هي على الأرض اللبنانية.

هذا هو فؤاد شهاب الذي تكرمونه اليوم، وقد بادرت نخبة من الوجوه المعروفة في الحقل العام ومن رجال الفكر المؤمنين بلبنان الواحد بتأسيس مؤسسة تحمل اسمه في العام 1998، هدفها القيام بنشاطات ثقافية واجتماعية إحياء للقيم التي آمن بها الرئيس فؤاد شهاب وأرساها.

مجدداً مبروك للجمعية ذكرى تأسيسها وحمى الله لبنان وجيشه الباسل.

Copyrights © 2024 All Rights Reserved.