في لغة الحب ينوب النظر عن أفصح لسان. ونلاحظ أن العين قد يعجبها أكثر من شخص، ولكن للقلب انسان واحد...

العين تحب الجمال وتعشق كل جميل، ولكن القلب لا يتفاعل في أكثر الأحيان إلا مع شخص واحد، وهذا دليل آخر على ارتباط القلب بالعين.

العين تفضح الحالة النفسية للإنسان وتعبر عن انفعالاته. وتسيل الدموع على الخدود في الحزن الشديد والفرح العظيم، وقد يشار إليها في الغزل...

نستطيع أن نرى بحواسنا الأخرى. العين تنظر وترى والقلب يحس ويتجاوب. وهذه العلاقة لا يمكن تفسيرها وليس لها قواعد ولا أنظمة. والرؤية ليست محصورة بالعين، فالقلب يرى والعقل يرى والروح ترى. فمنهم من يرون بعيون الايمان، ومنهم من لهم نظرة ثاقبة، ومنهم من لا يرون ابعد من انوفهم، ومنهم من يرى بام عينه، ومنهم من " يرى القذى الذي في عين أخيه ولا يأبه للخشبة التي في عينه" ، ومنهم من يغمض عينه عن تصرف خاطئ، وهناك عميان يعلموننا أن نرى.

العين مرآة الروح. اؤثر أن أنظر إلى عيون الناس في المقاهي على أن أن أنظر إلى ناطحات السحاب...فعينا الإنسان نافذتان إلى روحه، والروح البشرية عالم عميق رائع.

العين هي الينبوع، هي ماء الحياة، وأعيان القوم اشرفهم، وعين الله ساهرة ابدا علينا بعكس عيون معظم النافذين! والعين سراج جسدنا حتى في أحلك ايامنا!!!

العين هي الحياة. فنحن "نبصر النور" بفضل تلك الجوهرة التي رصع بها الخالق وجوه البشر الذين هم "على صورته ومثاله". هي الطمأنينة والتفاؤل والامل والألم والصدق والكذب والخبث والجرأة والجبن والخوف والدهشة والبؤس والشقاء واليأس والمرض والحنية والعطف والبراءة والذكاء والبلاهة والجنون والشر والعنفوان والغيظ والغضب والزعل والفرح والسرور. هي الحسد، هي صوت الضمير، هي عين هابيل تنظر من قبره إلى أخيه قابيل، هي الخجل والاستسلام والرضوخ، هي الحياء والشرف، هي الكبرياء والنصر. هي نظرة الاستغاثة ، هي نظرة التشجيع والتسامح والمحبة. هي النور الذي يشع من الوجوه، هي الحقيقة كما قال الاخطل الصغير: "في عيونه خبر ليس يكذب النظر".

هي اغلى شيء عند الإنسان. هي بمثابة الروح والقلب والحياة . فنقول:"يا روحي، يا قلبي، يا حياتي يا عيوني" ، ولا نقول:"يا اذني يا انفي ويا رجلي"!!!

هي الحب والغرام، هي أصل الغرام، هي الحب اعمى، هي عين الرضى، هي كل شيء. لذلك، نريدها دائما بصيرة مبصرة وجميلة.

نجنا يا رب من العين الشريرة والحسودة، واجعل عيوننا دوما عيون رضى، واجعلنا نرى كل الاشياء جميلة، وإن وقعنا في الحب اترك عيوننا مفتوحة، واجعلنا من الذين ينظرون بعيونهم ويرون بقلوبهم، ومن الذين يحبون بعيونهم وقلوبهم.

وإن كان الحب اعمى فليكن العمى في الحب فقط، ودعنا نعشق كل جميل، ولا تحرمنا من هذه النعمة-نعمة النظر- ولك الحمد والشكر.

د.جهاد نعمان ، حارة المرجان

استاذ في المعهد العالي للدكتوراه