جمعية لبنانية غير حكومية NGO

كلمة العميد د. حسن جوني في ذكرى عيد الجيش اللبناني 79 والثالثة لمركز الولاء للوطن للبحوث والدراسات

2024-08-01

حضرة ممثل قائد الجيش

الحضور الكريم كل باسمه ولقبه ومقامه

ايها الحفل الكريم :

شرفٌ كبير لي أن أقف اليوم أمام هذا الجمع العزيز، متحدثًا باسم جمعية الولاء للوطن للبحوث والدراسات، في لحظة مصادفة مقصودة لمناسبتين عزيزتين، عيد الجيش الأبي وذكرى تأسيس تجمع الولاء للوطن، وهل أشرف وأنبل من أن يكون ولاء المواطن لوطنه؟ إنه انتماء مقدس وإن الخروج عنه يجعل رتبة مواطن موضع شبهة والتباس حد الخيانة!

نعم، الولاء للوطن عنوان قضيتنا الجامع، الذي يختصر الهدف ويحدد اتجاه وأبعاد النضال ويجمع تحت لوائه مواطنين حقيقيين شرفاء.

 لكن التحدي الكبير هو في  ترجمة هذا الولاء في السلوك والمواقف والأداء، وهنا تكمن الاشكاليات التي يتعين علينا العمل على مقاربتها وتذليلها سعياً الى بناء دولة حقيقية بكل ما للدستور من معنى! هذه الدولة المقسمة والمهشمة وهذا الشعب المظلوم والمقهور ، هما اركان مشهد اليوم في هذا الوطن الحزين، ولهذا، فإن مجموعة من رفاق الدرب

والسلاح، من الشرفاء الذين رفضوا استمرار هذا المشهد في وطنٍ كان جميلاً يوم قيل عنه سويسرا الشرق، فانتفضوا، وتمردوا، وقرروا متابعة النضال، فان الواجب الوطني قد ناداهم مرة ثانية للتحرك والإنقاذ، فكان تجمع الولاء للوطن، المنصة التي وجدتها تشبهني وأشبهها، انا المتقاعد حديثاً، والتي تعتبر امتدادًا طبيعيًا للخدمة العسكرية، واستكمالًا لتنفيذ المهمة الشريفة، وهي "حفاظًا على علم بلادي وذودًا عن وطني لبنان".

ايها الحفل الكريم :

إن رقي الأفكار وانفتاحها هو الذي يحررنا من الانغلاق الطائفي المقيت، والتعصب الجاهل، والتطرف المتخلف، وهو الذي يؤسس لارتقاء البنية الاجتماعية للمجتمع، وإن مراكز البحوث والدراسات، هي التي تبحث وتتعمق في الظواهر المحيطة وتهدف إلى تنمية وتطوير مختلف جوانب الحياة. وغني عن القول أن النظريات هي التي

أسست لأعظم الثورات في التاريخ وهي التي غيرت العالم، وهي قد بدأت بفكرة تم تطويرها من خلال البحث والتفكير النقدي، فكرة مبتكرة تطورت إلى نظرية عبقرية ألهبت الجماهير، وأشعلت جذوة النضال، وصنعت التغيير، فوضعت نقطة على تاريخ بائد وأطلقت حاضراً يليق بمعاصريه وهيأت لمستقبل واعد مشرف تستحقه الأجيال.

تعتبر مراكز الأبحاث والدراسات دليلاً أكيداً على تطور الدول، ومؤشراً على حداثة الإدارة بمرتكزات علمية، من خلال دراسة القضايا والمشكلات التي تعانيها والتحديات التي تواجهها، حيث تتبلور الرؤى السديدة وتخرج المقترحات والحلول المناسبة، وإن للمراكز البحثية الدور الأساس في إصلاح مختلف قطاعات الدولة بناءً على دراسات علمية معمقة وموضوعية وليس بناءً على ارتجال أو مقاربات سطحية أو مصالح شخصية.

من هنا، كانت ضرورة تأسيس جمعية مركز الولاء للوطن للبحوث والدراسات، التي انبثقت من رحم تجمع الولاء للوطن، والتي تطمح لان تكون قوة تفكير نافذة، وخزاناً للافكار، ومرجعاً اكاديمياً متخصصاً في قضايا الأمن الوطني والتنمية المستدامة، وستسهم بشكل رئيسي في إعداد الدراسات والأبحاث المطلوبة، التي سيبنى عليها رسم السياسات وبناء الاستراتيجيات واتخاذ القرارات السليمة والحكيمة، إنها القوة الناعمة التي تساهم في تشكيل الوعي الوطني الذي نعوزه بشدة في لبنان، لتطوير وتكريس أسس المواطنة الحقة ومعاني الانتماء الصادق للوطن، وصولاً لبناء الدولة، وكما قيل يوماً: فإن القوة مستقبلاً تدور رحاها في المراكز البحثية والجامعات وليس في الثكنات!

ايها الحفل الكريم:

 قال الإمام علي: إن أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر. وعليه فإن هذا المركز سينحاز دائمًا لقوة الحق وليس لحق القوة، دون مراعاة أو مسايرة أو انحياز إلا للمصلحة الوطنية، لمصلحة الدولة والشعب اللبناني، للدستور والقانون، للقيم الوطنية، وليس أي مصلحة أخرى. وسيتم إنشاء مؤسسة لتطوير الأعمال بهدف تأمين التمويل الذاتي للجمعية، حفاظًا على استقلاليتها ومنعًا لأي ارتهان.

يضم المركز نخبة من الضباط، متنوعي الاختصاصات، خريجو أهم الكليات العسكرية في العالم، حملة الشهادات الأكاديمية العليا، ذوي الخبرات الطويلة في مختلف القضايا والشؤون، بالإضافة إلى التعاون مع خبراء وأساتذة مدنيين

من النخب كافة، والتي يزخر بها الوطن على تنوعها الفكري، وسنعمل سويًا كمنظومة متناغمة متكاملة لإعداد البحوث والدراسات في مختلف المجالات من جيوسياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية وتنموية واجتماعية وغيرها، وذلك على المستويات الثلاثة الوطنية والإقليمية والدولية. كما سنعمل على إقامة المؤتمرات والندوات الهادفة، وسنباشر بشكل فوري بتأسيس أكاديمية مرموقة تفتح أبوابها للنخب الطموحة، ولكل من يسعى إلى تنمية مهاراته وتطوير معارفه وثقافته، لمتابعة دورات قصيرة ومتوسطة في دراسة مفاهيم حديثة ومواضيع متخصصة، كإعداد

وصياغة الاستراتيجيات، ودراسة الأمن الوطني والقومي، وفن القيادة وتطوير الشخصية القيادية، كما دورات متقدمة في مجال الجيوبوليتيك والجيوستراتيجيا وفي مجال رسم وإعداد السياسات العامة والتخطيط الاستراتيجي، والحوكمة والتنمية المستدامة، إضافة إلى مواضيع أخرى وفي وقتها. هذه الثقافة الاستراتيجية المتقدمة والغنية، والتي سيحاضر فيها أهل الاختصاص، ستسهم في إعداد وتمكين جيل جديد من القادة المتميزين والذين سيساهمون في بناء وطن السيادة والحرية والكرامة والديمقراطية، وطن الانفتاح والتفاعل والإشعاع، وطن الأجداد والأحفاد وطن العشق الأبدي.

وأخيراً، فإن الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والاحساس بالكرامة، وإن خانتني حروفي في التعبير فاعذرني يا وطني!

عشتم وعاش لبنان

Copyrights © 2024 All Rights Reserved.