tiktok
Logo

القضاء ما بين الاستقلالية والقانون بقلم الأب روحانا

2025-10-22

الأب ميخائيل روحانا الأنطوني

أصدر القاضي حكما لم يرق للمحامي الشهير أوغست باخوس،  فرفع صوته بوجهه قائلا له: من فضلك اكتب في صدر الحكم "بسام الشعب اللبناني ما عدا أوغست باخوس"...

مع هذا القول المأثور الذي بات بمثابة "مرجعٍ" للمحامين والقضاة والأجيال القضائية في لبنان، توقفت أمس، في الرابع من تشرين الأول 2025، مجموعة "المؤتمر الوطني اللبناني" التي تتابع التفتيش عن الطريق الصحيح إلى الدولة السليمة، وبالتعاون مع معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، وبحضور إعلامي مباشر من تلفزيون "أم تي في"، للبحث في موضوع "القضاء ما بين الاستقلالية والقانون"، وبخاصة لمناقشة القانون الجديد لاستقلالية القضاء الذي يتابعه شخصيا فخامة الرئيس جوزيف عون، وقد أعاده منذ بضعة أيام إلى مجلس النواب مع بعض الملاحظات الموجبة للتعديل.

شارك في هذا المؤتمر المديرة العامة السابقة لوزارة العدل، القاضية ميسم النويري، والمحامي البروفيسور رزق زغيب لإبداء الرأي في موضوع "القضاء ما بين الاستقلالية والقانون". ورغم ان المداخلات اتبعت الصيغة الإعلامية للحوارات تحت شكل "سؤال وجواب، مرة من الرئيسة النويري ومرة من البروفسور زغيب، يمكننا الإفادة باستنتاجات عامة عن مقصد كل من المحاضرين وخلفية مواجهتهما لمعضلة الفساد وتضارب المصالح السياسية في القضاء بخاصة التي رافقت التحقيق العدلي بجريمة انفجار مرفأ بيروت وكادت تودي بالهرم القضائي ككل في عقر المدينة التي وصفت بأنها "مرضعة الشرائع".

بشكل عام تمت الملاحظة، من المداخلة الأولى، بأن الرئيسة النويري أتت مقررة بأن تدعو إلى يقظة شعبية مدنية للوقوف بوجه القضاة الفاسدين ودعم القضاة الشرفاء... إذ انه لم يعد من الممكن، او الكافي، الاتكال على الجسم القضائي بمحاسبة بعضه البعض وتصحيح مسيرته فالفساد بات متملكا وملكا، فركزت على:  

  • أهمية استفتاء رأي الشعب، وتحميله مسؤولية المطالبة حيث الظلم واضح كالشمس...
  • الابتعاد عن أسئلة حول استقلالية القاضي وأهمية حرية رأيه ونقاوة ضميره وعصاميته ومراجع مراقبته ومحاسبته... فهذه أمور مفروغ منها، منصوص عنها في الدستور والقوانين. والمطلوب الآن المطالبة بالضمير.
  • محاسبة القضاة المركانتيليين، من الشعب وبخاصة من الجمعيات المدنية المتخصصة، والإعلام الاستقصائي، حتى ولو أن معاشهم تضرر كما تضررت كل معاشات الناس،
  • تسليط الضوء على من يحمونهم من السياسيين والتجار مقابل استغلالهم القضاء لخدمة المصالح الخاصة ما يجعل التعيينات القضائية مرتبطة بضغوط المافيات التجارية والسياسية وفي بعض الأحيان المخابراتية.
  • وبما انهم مستقلون، فاسدون، ويصدرون الأحكام "باسم الشعب" غير آبهين بمصلحته العامة وحقوقه بالعدالة والسلام الأهلي، على الشعب أن يردعهم بما يؤمنه له القوانين من مسائل مشروعة من قبل ممثليه الفعليين كالنقابات والجمعيات المدنية، أن يثبت بأنه براء من أحكامهم الواضحة التحيز والفاقدة للحكمة والعدالة، وكأنه يردد ويؤكد، عند وقوع الظلم، أن الحكم ليس باسمه – Not in our name)).

(وهذا ما بالفعل انتهت إليه الرئيسة ميسم بتحديها "المذيع" بواجب وسائل الإعلام بالقيام بفضح القضاء المتحيز والمسيّس، وفي الوقت نفسه تسليط الضوء على القضاة الشرفاء، نظيفي الكف والشجعان المضحين في خدمة قيام دولة العدالة والقانون والمؤسسات التي تحترم شعبها، والتي هي، من ضرائب الشعب، مصدر رزقها وكرامتها).

ولطالما أصرت الرئيسة ميسم بالانتقال بوضوح بين رأيها كقاضية وخبيرة في شؤون القضاء والقضاة، ورأيها كمواطنة تعرف وتلمس أين يبدأ استغلال العدالة والحق ضد الشعب والأفراد في كل ما هو لأفراده وعوائله بمعيشتهم وحقوقهم البسيطة

  1. أما المحامي والبروفسور رزق زغيب الأستاذ في القانون والدستور في جامعة القديس يوسف، والمرجع والمستشار القانوني لعدة لجان نيابية ولمعظم الوسائل الإعلامية في شؤون القضاء وشجونه، إنما بخاصة في شؤون الدستور وتفسيره وتحليله وإمكانيات إدخال التعديلات عليه، وهو يراس "للقاء الدستوري من أجل الجمهورية المنبثق من جمعية التكاؤن اللبنانية"
  2. هركز أيضا على:
  • أن المبادئ السليمة والقوانين المرعية الإجراء وبنود الدستور التي تكفل استقلالية القضاء والقاضي محترمة في لبنان منذ ما قبل الاستقلال 1943.
  • تاريخية التقدم القضائي في لبنان على كافة دول الشرق الأوسط ودورها في حماية الديمقراطية.
  • عدم جلد الشعب نفسه باعتباره مؤيدا للفساد ولكل من أعضائه مرجعا يساهم معه بالخلل في الأحكام القضائية كي لا يتضرر،
  • بأن اخلل المشكو منه منذ عشرات السنوات والمعيق لقيام دولة القانون سببه الحرب منذ 1975 وتأثير الأحزاب والميليشيات سواء وحكم الوصاية على القضاة مباشرة أم بواسطة رؤساء الطوائف
  • وبخلاصة أجوبة الدكتور زغيب، أن الفساد بات أمرا شائعا في العالم ككل وبأن هذا لا يعذر عدم التركيز على تمتين السلطة والقضائية في لبنان وتأمين الأمور المالية والعملانية لحماية كرامة القضاة والقضاء وصحة علاقتهم بالمحامين وبالتالي خدمتهم جميعا لخير الشعب اللبناني العام.
  • أما بما يخص القانون الأخير المقترح لاستقلالية القضاء، والذي أعاده رئيس الجمهورية لمجلس النواب، أصرّ د. زغيب على أن هذا الموضوع جوهري بين السلطات الدستورية وبأنه بالرغم من استقلالية السلطات الثلاث، إلا أن الدستور يؤكد على تعاونها، وهنا يكمن بيت القصيد، إذ ركز الدكتور زغيب على الأهمية القصوى لوجود وزارة العدل كمدافع عن حقوق وواجبات السلطة القضائية في الحكومة، وبالوقت نفسه ضامنا بأن لا تقف سلطة القضاء المستقلة ضد سياسة الحكومة بما يخص سياستها بالتشريع العام.

 

 

Copyrights © 2025 All Rights Reserved. | Powered by OSITCOM